دعا رئيس شركة هيدروجين مصر (Hydrogen Egypt) إلى تأسيس كيان لتنسيق سوق الهيدروجين العالمية، على غرار منظمة أوبك، التي تضم الدول المصدّرة للنفط.
ووصف رئيس الشركة خالد نجيب سوق الهيدروجين الحالية بالتشتت والعمل الفردي والتنافس بدلًا من التعاون، ما يؤثّر سلبًا في السوق، ويحدّ من انتشار هذا الوقود النظيف.
ونفى نجيب وجود مخاطر من إنتاج الهيدروجين على المياه، قائلًا: "إنه يمكن إنتاج هذا الوقود من مياه البحر بعد تحليتها، والعقبة الأساسية -حاليًا- هي ارتفاع أسعار أجهزة التحليل الكهربائي لفصل الهيدروجين".
وقال رئيس شركة هيدروجين مصر خالد نجيب، في حوار مع منصة الطاقة المتخصصة، على هامش مؤتمر الهيدروجين الأول، الذي عقدته الشركة بالعاصمة المصرية (القاهرة)، مؤخرًا، إنه من المتوقع أن يأتي أكبر طلب على الهيدروجين من أوروبا خلال السنوات المقبلة.
وإلى نص الحوار:
ما السر وراء اختيارك الهيدروجين نشاطًا رئيسًا للشركة؟
اخترنا نشاط الهيدروجين ليكون أساس عمل الشركة لعدّة أسباب، إذ إنه بديل للغاز والوقود الأحفوري، ونتيجة أزمة الطاقة الناجمة عن كورونا، ثم الحرب في أوكرانيا، بدأت الدول الغربية، شاملةً الاتحاد الأوروبي وأميركا، في طرح خطط الاستغناء عن الغاز وكل أنواع الوقود الأحفوري، وبرز هنا دور الهيدروجين ليكون بديلًا.
كانت أزمة الطاقة والحرب الروسية الأوكرانية صدمتين متلاحقتين، نجم عنهما انخفاض العرض وارتفاع الطلب على الطاقة، وفي الوقت نفسه كانت خطة استعمال الهيدروجين وقودًا جاهزة منذ سنين، ومع تراجع تكلفة الكهرباء المولدة من المصادر المتجددة بشدّة، برز دور الهيدروجين.
ولكن، ما زالت هناك تحديات تواجه إنتاج الهيدروجين الأخضر؟
ما دامت الطاقة المتجددة موجودة، نستطيع استغلالها في التحليل الكهربائي للمياه والحصول على الهيدروجين، فضلًا عن أن الهيدروجين غني بالسعرات الحرارية، فالغرام الواحد منه يحمل 30 ألف سعرة حرارية، ويمكن حرقه عند 2000 درجة.
وبمعنى آخر، يتمتع الهيدروجين ببعض المميزات التي يتفوق بها على الغاز وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى، والأهم من ذلك أنه غير ملوّث للبيئة.
هل ترى أن مصر تستطيع الاستحواذ على حصة في سوق الهيدروجين؟
تمتلك مصر إمكانات إنتاج الهيدروجين، إذ الشمس الساطعة لمدة طويلة، وطاقة الرياح المتوفرة، كما أن لدى القاهرة موقعًا جغرافيًا متميزًا، وبنية أساسية قوية، وطاقة بشرية، وتنتج حاليًا الأمونيا.
كل هذه العوامل تدعم مصر للقيام بدور حيوي في تزويد أوروبا بحصّة كبيرة من الهيدروجين التي تحتاجها خلال السنوات المقبلة.
أوروبا لديها مشروعات لإنتاج الهيدروجين.. هل ستكون في حاجة إلى مصر؟
حددت أوروبا احتياجاتها من الهيدروجين بنحو 20 مليون طن، وأصدرت تشريعًا يفيد بإنتاج نصف هذه الكمية داخل القارة، واستيراد النصف الباقي من خارجها، أي إنها ستحتاج إلى 10 ملايين طن هيدروجين تعادل 60 مليون طن أمونيا، وتنتج مصر - حاليًا- نحو 5-6 ملايين طن من الأمونيا.
ووفق الخطط، فإن مصر قادرة على إنتاج ثلث كمية الأمونيا التي تحتاج إليها أوروبا سنويًا، وهي 20 مليون طن، إذ إن القاهرة مصنّفة بين كبار المنتجين للأمونيا.
وكيف ترى تأثير ذلك في الاقتصاد المصري؟
توفر مشروعات الهيدروجين فرص عمل كثيرة مباشرة في مراحل التصميم والإنشاءات والتشغيل، وغير مباشرة، أيضًا، بخلاف الاستثمارات الضخمة، وإيرادات النقد الأجنبي.
كما يمكن استعمال الهيدروجين في الصناعات المختلفة، إذ إنه يشبه الغاز في بعض الصناعات، ويقوم بدور مدخلات الإنتاج في صناعة الأسمدة والحديد، على سبيل المثال.
نرى تنافسًا كبيرًا بين الدول لإنتاج الهيدروجين.. هل يصبّ هذا في صالح سوق الطاقة المستقبلية؟
بدأت أوروبا تأسيس بنك للهيدروجين، يستهدف نشر إنتاج واستهلاك الهيدروجين، إذ ما تزال تكلفة إنتاج الهيدروجين مرتفعة جدًا مقارنةً الوقود الأحفوري، ويقوم البنك بتمويل فارق السعر بين الهيدروجين والغاز، بمعنى آخر يدعم سعر الهيدروجين، ما يشجع المنتجين على إنتاجه.
التحول في خريطة سوق الطاقة العالمية يجعل من الضرورة التعاون بين دول منطقة الشرق الأوسط في صناعة الهيدروجين، فإذا كان لدى مصر فائض، في وقت تخدم فيه السوق السعودية على آسيا، فيمكن تخزين هذا الفائض في السعودية، والعكس صحيح، إذا أرادت الرياض تصدير الهيدروجين الذي تنتجه على أرضها إلى أوروبا، (على سبيل المثال)، يمكن أن تفعل ذلك من خلال القاهرة، كما يمكن تبادل المنافع الاقتصادية بين دول المنطقة عبر تمرير التكلفة المنخفضة لأيّ مدخلات الإنتاج من دولة إلى أخرى.
أيهما أفضل لمستقبل سوق الهيدروجين، التنافس أم التعاون؟
التعاون أفضل من التنافس، خاصةً أنّ ما يحرّك سوق الهيدروجين هو الاحتياج الأوروبي، فوضع الهيدروجين حاليًا يوصف بالتشتت والتشرذم والتحركات الفردية، إذ تعمل كل دولة بمفردها، بسبب عدم وجود مظلة تجمع أطراف الصناعة، مثل منظمة أوبك للدول المصدّرة للنفط.
ويرجع عدم وجود تحالف شبيه لأوبك في قطاع الهيدروجين حتى الآن بسبب اختلاف الوضع الجيوإستراتيجي الآن عن حقبة السبعينيات في القرن الماضي، التي أدت إلى تكاتف وتعاون الدول (في أعقاب حرب أكتوبر/تشرين الأول من عام 1973 بين مصر وإسرائيل)، فمنذ ذلك الوقت، لم يشهد العالم أزمة طاقة ضخمة بسبب تعاون الدول فيما بينها.
كما أن التعاون يضمن وجود عائد للدول المختلفة، من خلال تبادل البيانات وتنسيق الإنتاج والتسويق والتسعير، ولا يعني ذلك أنه لا وجود لتكتلات الهيدروجين، فهناك أميركا تعمل في جهة وأوروبا في ناحية أخرى والصين في جهة ثالثة، لكنها مختلفة كثيرًا عن بعضها في القوانين والحوافز وغيرها من المسائل المتعلقة.
ماذا عن خطط الشركة في مصر.. هل سنرى محطات لوقود الهيدروجين قريبًا؟
أبرمت شركة هيدروجين مصر اتفاقًا مع شركة هيدروجين أوروبا بهدف التوعية، وجذب شركات التكنولوجيا لمصر، وتخطط الشركة للتعاون مع وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية لتدشين مصانع هيدروجين صغيرة، تخدم المركبات الصغيرة ذات الـ 3 عجلات (التوكتوك).
ويحتاج هذا المشروع إلى توفير (سي إن جي) في السيارات، وإقامة محطات تجريبية وتسعير الهيدروجين، وندرس حاليًا "الجوانب الفنية المتعلقة به".
ماذا عن تزويد (التوكتوك) بالهيدروجين، وهناك دول توجهت إلى طائرات وقود الهيدروجين.. هل نرى اهتمامًا مصريًا بهذا القطاع؟
قد نرى ذلك في مصر من خلال ما يسمى بالسياحة الخضراء، التي تعني أن الطائرة التي تعمل بالوقود الأخضر تخرج من دولة وتتجه لدولة أخرى يتوفر فيها الوقود الأخضر لتعبّئ خزان الوقود منه مجددًا لرحلة العودة، ومصر ستكون من تلك الدول قريبًا.
كان مؤتمر الهيدروجين الأول قد شهد حضورًا أوروبيًا مكثفًا من القطاعين الرسمي والخاص، ومنهم رئيس وفد الاتحاد الأوروبي في مصر السفير كريستيان برغر، كما وجّهت مفوضة الطاقة كادري سيمسون كلمة مسجلة عبر تقنية الاتصال المرئي للمؤتمر، وشارك ممثلون عن كبريات الشركات بالقارة، مثل سكاتك النرويجية (Sctec).
Comments